حجم الخط + -

بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش، جدّد صاحب الجلالة الملك محمد السادس مرة أخرى مدّ يده الصادقة إلى الجزائر، مؤكداً الإرادة الراسخة للمملكة المغربية في فتح حوار صريح، مسؤول وأخوي مع الجارة الشرقية. وفي سياق إقليمي ودولي يشهد تحولات عميقة، تأتي هذه الدعوة ضمن رؤية تتجاوز منطق الصدام والمنافسة، وهي التزام واضح لا لبس فيه، ينبع من قناعة راسخة: مفادها أن مستقبل الشعبين الشقيقين لا يمكن أن يتحقق إلا بالمصالحة والتعاون والحكمة.

وقد ذكّر العاهل المغربي، المتمسك دوماً بنهج الاعتدال والبصيرة، بأن اليد الممدودة من المغرب للجزائر ليست ظرفية أو تكتيكية، بل هي خيار استراتيجي وتاريخي نابع من إرادة الشعب المغربي، ومدعوم بإيمان راسخ في الأخوة المغاربية. وهذه المبادرة تهدف بالدرجة الأولى إلى تجاوز أزمة مصطنعة تم الإبقاء عليها بشكل مفتعل، رغم أنها تتعارض مع المصالح العميقة للأمتين، وتُعيق الاندماج الإقليمي برمّته.

إن تطبيع العلاقات الثنائية لم يعد مجرد رغبة، بل بات ضرورة ملحّة لمواجهة التحديات المشتركة، سواء كانت أمنية أو اقتصادية أو بيئية أو ثقافية. كما أنه شرط أساسي لوضع أسس صلبة لبناء اتحاد المغرب الكبير، ذاك الحلم المشترك الذي تقع على عاتق الأجيال الحالية مسؤولية تحقيقه.

يبقى أن نرى ما سيكون عليه موقف النظام الجزائري، الذي ما يزال منذ سنة 1975 متمسكًا بموقف جامد، قائم على حسابات جيوسياسية متجاوزة، أصبح أصحابها اليوم أكثر عزلة على الساحة الدولية. وهو موقف طالما تغذّى من خطاب عدائي، بات اليوم موضع تشكيك بفعل التحولات العالمية وتطلعات الشعبين المغربي والجزائري.

لقد علمنا التاريخ أن المصالحات الكبرى تولد دائمًا من مبادرات شجاعة. ومبادرة الملك محمد السادس هي دون شك عمل نابع من إيمان عميق بالمستقبل، ودعوة إلى التعقّل والأخوّة. ويبقى على الجزائر الرسمية أن ترتقي إلى مستوى هذه اللحظة، باسم السلام والاستقرار والمصالح المشتركة.

عاش المغرب الشريف. وعاشت الجزائر حرّة وأخوية.

مولاي عبد الجليل دليل الساكلي
محامٍ بهيئة ليل – فرنسا