تصدّرت المحكمة الجنائية في باريس اهتمامات الإعلام الدولي والمنصات الرقمية مع انطلاق محاكمة غير مسبوقة تتعلق بالسيدة الأولى في فرنسا. القضية تمتد ليومين كاملين، بعد أن تقدمت بريجيت ماكرون بشكاوى ضد 8 رجال وامرأتين بتهم التنمر الإلكتروني والتشهير والمسّ بكرامتها.

ويواجه المتهمون، الذين تتراوح أعمارهم بين 41 و60 عاما، اتهامات بترويج ادعاءات مسيئة عبر الإنترنت عن جنس بريجيت ماكرون وحياتها الخاصة. وذهبت بعض المنشورات إلى وصف فارق السن بينها وبين زوجها الرئيس إيمانويل ماكرون بأنه “استغلال جنسي للأطفال”، في إساءة أثارت استهجان باريس.

وتُحاكم المجموعة أيضا بسبب بث أخبار كاذبة تدّعي أن السيدة الأولى وُلدت ذكرا يحمل اسم “ميشال” قبل أن تخضع لتحول جنسي في مرحلة لاحقة من حياتها. هذا التضليل الذي ازداد انتشاره خلال السنوات الماضية وضع القضاء الفرنسي في مواجهة موجة شرسة من الأخبار المفبركة التي تستهدف رموز الدولة.

وحضر سبعة من المتهمين جلسة الإثنين، بينما مثّل الثلاثة الآخرون عبر محاميهم. أما بريجيت ماكرون فاختارت عدم حضور جلسات المحاكمة، وفق ما أعلنه مكتب المدعي العام في باريس. وأكد رئيس الجلسة أن الحملة الإلكترونية تسببت للسيدة الأولى في “تدهور حالتها الجسدية والنفسية”.

ويُعرف بعض الملاحَقين بنشاطهم الكثيف على منصات التواصل، حيث تحصد منشوراتهم عشرات الآلاف من المتابعات. ويُعتقد أن دلفين جيغوس، المعروفة باسم “أماندين روي” (51 عاما)، لعبت دورا محوريا في انتشار الشائعة، خصوصا بعد نشر فيديو مدته 4 ساعات على قناتها عبر يوتيوب سنة 2021.

كما تم تعليق حساب “أوريليان بوارسون أتلان”، المعروف باسم “زوي ساجان”، العام الماضي بعد ورود اسمه في عدة تحقيقات قضائية مشابهة.

وتأتي هذه الخطوة القانونية ضمن حملة يقودها الرئيس الفرنسي لحماية سمعة زوجته. وكان ماكرون قد صرّح في وقت سابق أنه لن يسمح باستهداف بريجيت، معتبرا أن هذه الحملات تنطلق من خلفيات تحقيرية ضد النساء في السياسة.

وفي تصريحات لمجلة “باريس ماتش” خلال أوت الماضي، قال الرئيس الفرنسي بوضوح: “سأدافع عن شرفي”، مؤكدا أن الأمر لا يتعلق بمجرد شائعة شخصية، بل بخطة منظمة للنيل من رموز الجمهورية عبر التضليل العابر للحدود.

وترجع بدايات الشائعة إلى فترة انتخاب ماكرون رئيسا عام 2017، قبل أن تتجدد بشكل دوري عبر منصات التواصل. ووفق تقارير إعلامية، فإنها جزء من موجة استهداف تطال نساء بارزات في مواقع القرار، من بينهن ميشيل أوباما وكامالا هاريس وجاسيندا أرديرن.

وسبق للرئيس وزوجته أن رفعا دعاوى مماثلة ضد شخصيات إعلامية تورطت في ترويج الأخبار الكاذبة، منها القضية الشهيرة التي استهدفت الصحفية الأمريكية كانديس أوينز بعد تصريحات نشرتها في مارس 2024 ثم كررتها في جويلية 2025.

وتتطلع باريس إلى أن تشكّل هذه المحاكمة رسالة رادعة لكل من يحاول تحويل منصات التواصل إلى منصات تشهير وانتهاك للحياة الخاصة تحت غطاء حرية التعبير.