بقلم: عبد الإله أنقير
الدار البيضاء، 22 نوفمبر 2025

في عالم العملات الرقمية سريع النمو، تكشف التحقيقات الاستقصائية عن شبكة معقدة من الجرائم المالية تغسل مليارات الدولارات بعيداً عن الرقابة التقليدية. تحقيق “الصحافة المغربية”، المستوحى من تقرير “The Coin Laundry” للتحالف الدولي للصحفيين الاستقصائيين (ICIJ)، يكشف كيف ساهمت أكبر منصات تبادل العملات المشفرة في تمكين عمليات غير قانونية رغم العقوبات والغرامات الضخمة.

اعتمد التحقيق على تحليل عشرات آلاف المعاملات المالية، ومقابلات مع ضحايا في أربع قارات، بالإضافة إلى مراجعة وثائق رسمية صادرة عن وزارات العدل. النتائج تظهر فجوات تنظيمية كبيرة أمام نمو الجريمة الرقمية، وهو ما يهدد الاقتصاد العالمي والأمن الدولي.

بينانس وغسيل الأموال: غرامات بلا تغيير

بدأت القضية في أكتوبر 2024، حين عفى الرئيس الأمريكي عن مؤسس منصة “بينانس” لتبادل العملات المشفرة، تشانغبينغ “CZ” تشاو، بعد اعترافه بتشغيل المنصة دون تطبيق قواعد مكافحة غسيل الأموال. رغم دفع غرامة قدرها 4 مليارات دولار، أظهرت بيانات ICIJ أن المنصة استمرت في تلقي مئات الملايين من الدولارات من معاملات مرتبطة بمجموعات إجرامية منظمة مثل “هوايون”، المدرجة على القائمة السوداء الأمريكية.

OKX: استمرار التحايل على القوانين

في فبراير 2025، اعترفت منصة “OKX” العملاقة بتشغيل خدمة تحويل أموال غير قانونية. إلا أن التحقيق كشف أن حسابات المنصة تلقت أكثر من 161 مليون دولار من “هوايون”، ما يؤكد وجود اقتصاد موازي ضخم للأموال القذرة مرتبط بالاحتيال، تجارة المخدرات، والقرصنة الإلكترونية.

الضحايا والشبكات السرية

على مدار عشرة أشهر، رصد الصحفيون مسار الأموال المسروقة من ضحايا عبر كييف ودبي وأماكن أخرى، إلى منصات تبادل مشهورة. هذه الشبكات السرية للتحويل من العملات المشفرة إلى نقد تتيح استمرار الجريمة دون رادع، في حين تواجه السلطات العالمية صعوبة في ملاحقة هذه الأنشطة الرقمية.

الدعوة لتعزيز الرقابة

تحقيق “The Coin Laundry” يسلط الضوء على ضرورة تعزيز الرقابة العالمية على منصات التشفير، ودعم جهود ICIJ في كشف أبعاد هذه الجرائم. الرسالة واضحة: العملات المشفرة يمكن أن تكون ابتكاراً ثورياً أو بوابة للجريمة، حسب مستوى التنظيم والشفافية.