تظاهر مئات الصحافيين في تونس، يوم الخميس 20 نوفمبر 2025، قرب مقر رئاسة الحكومة بالعاصمة، احتجاجًا على التضييق على الصحافة والقمع الإعلامي، مطالبين بوقف الملاحقات والإفراج عن زملائهم المعتقلين. ورفع المحتجون شعارات مثل: “بطاقة الصحافة مش مزية”، مؤكدين أن تصاعد القمع لن يخمد الأصوات الحرة.
وأوضحت نقابة الصحافيين التونسيين، التي دعت إلى الاحتجاج، أن الحملات الأخيرة تهدف إلى إسكات الإعلام المستقل وإخضاعه، محذرة من تراجع الحريات منذ قرار الرئيس قيس سعيد بتركيز السلطات في يوليو 2021.
وأكد رئيس النقابة، زياد دبّار، أن “زملائنا يُعاقبون لمجرد قيامهم بعملهم، وهذه الحملة لن ترهبنا”، مضيفًا أن الصحافيين ملزمون بتسليط الضوء على الظلم دون خوف.
ووصف الصحافي والنقيب السابق مهدي الجلاصي الوضع بأنه “أسوأ فترة للصحافة التونسية منذ ثورة 2011″، مشيرًا إلى “موجة غير مسبوقة من القمع والتضييق على حرية التعبير، وسجن صحفيين بعد محاكمات جائرة”.
من جهته، قال المصور الصحافي المستقل نور الدين أحمد إن الصحافة في تونس “تدق ناقوس الخطر”، موضحًا أن الصحفيين ممنوعون من تغطية نشاط الحكومة أو البرلمان وحتى الأحداث في الشارع بسبب غياب تراخيص التصوير.
وأشار المحتجون إلى أنهم لم يحصلوا بعد على البطاقات المهنية لعام 2025، فيما توقفت تراخيص التصوير للصحفيين الأجانب منذ أربعة أشهر، ما عرقل عملهم وتعرضهم أحيانًا للاحتجاز من قبل الشرطة.
وأضافت النقابة أن الإعلام العمومي أصبح بوقًا دعائيًا للنظام، وتحول من منبر للتعددية إلى وسيلة لترويج وجهة نظر واحدة. وقالت الصحفية بإذاعة موزاييك أميرة محمد إن نحو 40 صحفيًا يواجهون ملاحقات، وبعضهم يقبع في السجن، فيما يقبع خمسة صحافيين على الأقل في السجون ويواجه آخرون تحقيقات قضائية بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي أو تقارير إعلامية تنتقد الحكومة.
وفي المقابل، قالت وزيرة العدل ليلى جفال إن الملاحقات لا تتعلق بحرية التعبير، بل بالشتم والتشهير، بينما نفى الرئيس سعيد استهداف حرية الصحافة، مؤكدًا أنه لن يصبح دكتاتورًا.
لكن منتقديه يؤكدون أن المراسيم الصادرة منذ 2021 أضعفت الضمانات الديمقراطية وأتاحت ملاحقة الصحفيين بتهم غامضة. وقد علقت السلطات مؤخرًا نشاط موقعَي “إنكيفاضة” و”نواة”، ضمن إجراءات شملت نحو 20 منظمة غير حكومية، بزعم تلقي “أموال مشبوهة”، كما تم توقيف عدد من منتقدي سعيد بموجب المرسوم 54، الذي يحظر “نشر الأخبار الكاذبة”.
كما مُنع معظم الصحافيين المحليين والأجانب من دخول قاعات المحاكم لتغطية محاكمات شخصيات سياسية وإعلامية معارضة، ما انعكس على مؤشر حرية الصحافة العالمي، إذ تراجعت تونس من المرتبة 118 إلى 129 من بين 180 دولة في عام 2025.



تعليقات
0لا يوجد تعليقات بعد..