شهدت مدينة بوي أون فالي الفرنسية واقعة مقلقة هزّت مشاعر الجالية المسلمة، بعدما عُثر على نسخ من القرآن الكريم ممزقة وملقاة على أرض مسجد المدينة في وضح النهار. وأكد القائمون على المسجد، الأحد، أن الفعل ارتكبه فرد أو أكثر لم تُعرف هويتهم بعد، بينما باشرت السلطات التحقيق في الحادث باعتباره انتهاكًا خطيرًا لحرمة مكان العبادة وللمقدسات الدينية.

ورغم أن الاعتداء لم يسفر عن أي إصابات جسدية، فإن رمزيته العميقة أثارت صدمة واستياءً واسعًا داخل الأوساط المسلمة وخارجها، نظرًا لما يمثله القرآن من مكانة مقدسة لدى أكثر من مليار ونصف مسلم حول العالم. وفي هذا السياق، أصدر المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية بيانًا عبّر فيه عن تضامنه الكامل مع المصلين والمسؤولين عن المسجد، مؤكدًا أن ما جرى يمثل اعتداءً مباشرًا على أحد أهم رموز الدين الإسلامي داخل فضاء يفترض أن يسوده الأمن والسكينة.

ووصف المجلس الحادث بأنه “عمل إسلاموفوبي خطير”، مشيرًا إلى أنه يأتي في ظل “مناخ عام متوتر” تغذّيه خطابات سياسية وإعلامية تساهم، وفق تعبيره، في شيطنة المواطنين المنتمين للثقافة أو الديانة الإسلامية. ويرى المجلس أن هذا الخطاب السلبي المتكرر يؤدي إلى خلق بيئة خصبة لمثل هذه الانتهاكات التي تستهدف دور العبادة والرموز الدينية.

كما حذر المجلس من وجود “خطر حقيقي” يتمثل في أن تشجع مثل هذه الوقائع أفرادًا آخرين على تكرارها، خصوصًا أن الاعتداءات الرمزية تحمل رسائل استفزازية وتحرّض على الكراهية والانقسام داخل المجتمع. ولذلك دعا إلى تطبيق أعلى درجات اليقظة داخل المساجد وتعزيز التدابير الأمنية لحماية هذه الفضاءات التي يجب أن تظل محمية من كل أشكال التطرف والعداء الديني.

ويعيد هذا الحادث إلى الواجهة النقاش المتنامي حول ضرورة مواجهة خطاب الكراهية وتعزيز ثقافة التعايش والاحترام المتبادل داخل المجتمع الفرنسي، خاصة في ظل تكرار اعتداءات مماثلة خلال السنوات الأخيرة. ويُجمع الفاعلون الدينيون والحقوقيون على أن حماية أماكن العبادة بجميع دياناتها تمثل واجبًا وطنيًا لا يمكن التهاون فيه، باعتبارها مؤسسات ترمز للسلام وترتادها فئات واسعة من المواطنين.