Site icon lemed24

حضن الوطن رحب، لا يضيق ولا يغضب

بقلم : أمينة ابن الشيخ أوكدورت

في بادرة إنسانية تحمل الكثير من الدلالات، مكّنت المندوبية العامة لإدارة السجون ناصر الزفزافي من حضور جنازة والده، ليقف إلى جانب عائلته ورفاقه في لحظة وداع حزينة، ويتلقى تعازي أهله وأصدقائه وشرائح واسعة من الشعب المغربي. خطوة جديرة بالتقدير، لما تعكسه من احترام لحرمة الموت وتقدير لمكانة الأسرة.

كلمة الزفزافي في هذه المناسبة لم تخلُ من رسائل عميقة؛ إذ أكد مجدداً على وطنيته الصادقة وارتباطه بأرضه من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، مشدداً على أنه لم يتخلّ يوماً عن حبه للمغرب ولا عن حرصه على وحدته واستقراره.

غير أن المشهد المؤلم طرح تساؤلات ملحّة: أليس الوقت قد حان لفتح صفحة جديدة وإنهاء معاناة هذا الرجل ورفاقه؟ أي قلب يمكن أن يحتمل رؤية والدة الزفزافي تغادر المقبرة مثقلة بوجعين؛ فقدان الزوج في القبر، وفقدان الابن وراء القضبان؟

هذا الوضع القاسي يفرض وقفة ضمير وطنية، فسيادة العدالة لا تتحقق إلا بالإنصاف، والوطنية تُقاس بقدرة الدولة على احتضان جميع أبنائها، حتى المختلفين معها ـ إن كان هناك اختلاف. والمغرب، وهو يسير في مسار ديمقراطي ويرفع شعار حقوق الإنسان، لا يمكن أن يبقى أسير معالجة أمنية لقضية تحمل أبعاداً اجتماعية وسياسية عميقة.

إن الإفراج عن ناصر الزفزافي ورفاقه، بل وكل معتقلي الرأي، لن يُنظر إليه كتنازل من الدولة، بل كدليل قوة ورجاحة عقل. فالعفو شجاعة، والصفح حكمة، والمصالحة مع أبناء الوطن هي الطريق الأمثل لتعزيز الوحدة وضمان الاستقرار.

اليوم، يترقب المغاربة لحظة فارقة في تاريخ البلاد: لحظة إطلاق سراح معتقلي الحراك، وإعادة الثقة بين الدولة والمجتمع، وتأكيد أن المغرب وطن يتسع للجميع مهما اختلفت الرؤى وتباينت المواقف.

وقديماً قال الحكيم الأمازيغي:
ⴰⵏⴷⴰⵢ ⵓⵔ ⴷⴰ ⵢⵜⵜⵍⵓⵖ
Anday ur da yttlugh
بمعنى: الإنسان الكريم رحب الصدر، لا يغضب ولا يحسد.

Exit mobile version